أيها الناس: كلنا يعرف قصة فتح بيت المقدس أول مرة على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، حيث كانت جيوش الخلافة الراشدة حوله كالجراد بقيادة أمين هذه الأمة أبي عبيدة. ولما وقع المسجد الأقصى تحت الأسر الصليبي مرة ثانية، بعث شاب دمشقي رسالة إلى صلاح الدين على لسان المسجد الأقصى بعد معركة حطين قال فيها:
يا أيهـا الملك الذي لمعالم الصلبان نكس، جاءت إليك ظلامة تسعى من البيت المُقَدَّس، كل المساجد طهرت وإنا على شرفي أُدنس! فلما وصلته الرسالة صار كالوالدة الثكلى، يجول بفرسه من طلب إلى طلب، ويحث الناس على الجهاد، ويطوف بين الأطلاب بنفسه وينادي “يا للإسلام” وعيناه تذرفان بالدموع، وكان من كلامه رحمه الله: “كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبيين؟! ولما أكرمه الله بتحريره، قام القاضي محيي الدين بن زكي الدين ليخطب أول جمعة بعد قرابة مائة عام من تعطيلها فقال: الحمد لله الذي رد على المسلمين هذه الضالة من الأمة الضالة؟ وخاطب صلاح الدين وجيشه قائلاً: فطوبى لكم من جيش ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية، والوقعات البدرية، والعزمات الصديقية، والفتوحات العمرية، والجيوش العثمانية، والفتكات العلوية. جددتم للإسلام أيام القادسية، والوقعات اليرموكية، والمنازلات الخيبرية، والهجمات الخالدية، فجزاكم الله عن نبيكم صلى الله عليه وسلم أفضل الجزاء.
أيها الناس: بمثل هذا يحرر المسجد الأقصى ثالث مرة، بجيش عرمرم مجاهد في سبيل الله، تُعدّه دولة الخلافة الراشدة الثانية القائمة قريباً بإذن الله، ليقف خليفة المسلمين أو خطيب الجمعة المنتدب من قبله ليقول: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العاملين الذي أقام لنا خلافتنا رد علينا ضالتنا. ومن ينشد تحريره أو حمايته أو توسعته أو شد الرحال إليه والصلاة فيه بغير هذا فقد افترى.